دول الطائـف والدوحـة و إطفاء الفتنـة نسيب حطيط
يعيش لبنان إرهاصات فتنة داخلية تمهد لحرب إسرائيلية جديدة،كما حدث العام 1975 ،والتي حاصرت المقاومة الفلسطينية بين الحرب الداخلية والإجتياح الإسرائيلي عامي1987 و1983 و انتهت بإخراجها ونفيها الى تونس وبعدها الى أوسلو،ويمثل القرار الظني المفترض النسخة الحديثة لبوسطة عين الرمانة ،والبوسطة الجديدة تسمى(المحكمة الدولية)،لإسقاط المقاومة كخطوة أولى لإسقاط محور الممانعة في المنطقة.
فالإدارة الأميركية امام خياران،إما سقوط المشروع الأميركي في المنطقة أو سقوط المشروع المقاوم ورأس حربته في لبنان،ولا بد من استعمال كل الوسائل من التشويه إلى العدوان إلى الإتهام وصولا للفتنة،التي ستحرق السياحة والاقتصاد والمؤسسات،وسيخسر الجميع ويشتعل لبنان ولن تبقى منطقة آمنة ولن تنحصر النار واللاستقرار على مستوى واحد وفي شريحة أو منطقة واحدة، فالسفينة واحدة و سيغرق جميع ركابها وإن تذاكى البعض للنجاة فسيغرق في بحر الضياع والتبعية.
قبل القرار الظني تتزايد وفود الزائرين الكبار على مستوى القمة كما تسرب حتى الآن، من السعودية إلى قطر إلى سوريا ،وتحتشد دول إتفاق الطائف والدوحة ورعاته الإقليميون لمحاصرة الفتنة القادمة، لإعتقادهم بأن الفتنة إن بدأت لبنانية، فستشعل المنطقة بأسرها لأن أكثر من بلد يعيش على براكين خامدة تنتظر من يحرك حممها النائمة في العراق و اليمن و إيران وفلسطين وتركيا، خاصة وأن دول الإعتدال العربي تعيش هاجس الوضع المصري واستمرارية النظام لأن أي تحول دراماتيكي في المسار العام، يمكن أن يوجه الضربة القاضية للنهج العربي المتصالح مع إسرائيل والمعادي لإيران والمقاومة بضغط أميركي، مما يعزز نهج الممانعة والمقاومة في ساحة الشرق الأوسط ويساعده على طرد الأميركيين بلا شروط أو على الأقل تخفيفها وتعديل شروط السلام العادل والشامل .
إن ما يحضر للبنان من خلال استغلال قضية وطنية وأخلاقية عادلة تتمثل بكشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستغلال قضية حق لنشر الباطل بما يشابه افتراءات سلاح الدمار الشامل للعراق لغزوه واحتلاله،الى الملف النووي الإيراني السلمي الذي يكذب فيه الأميركيون والأوروبيون ويسدون كل منافذ التنازلات والمفاوضات مع إيران لتهيئة الأجواء لقلب النظام وضربه بعد عزله تماما كما حاولوا مع سوريا في السنوات الأربع الماضية بعد الإنسحاب السوري عام2000.
ولا يهتم الأميركيون ولا الإسرائيليون في حال أجهزت النار على أعدائهم وأصدقائهم معا، فهؤلاء تمت صداقتهم لإستغلالهم واستعمالهم في مواجهة الخصوم ،فالمهم القضاء على الخصم – العدو المتمثل بالمقاومة.
والسؤال المطروح.... هل يبادر العقلاء إلى إنقاذ أنفسهم ووطنهم ويخرجوا من دائرة الإستغلال لتكون المواجهة واضحة بين المقاومة وأعدائها من الأميركيين والإسرائيليين أم يبقون درعا وبربارة للطروحات الخبيثة والمشبوهة ؟!.
من يبحث عن العدالة لا يسلك طريق الإنتقامية والمزاجية في قضايا التحقيق ويتجاوز مجزرة(أسطول الحرية)الواضحة المعالم... لكنها إسرائيل وفي مجزرة قانا الأولى أقيل الأمين العام بطرس غالي لأنه تجرأ على المطالبة بالحقيقة لكن المجرم والفاعل هو إسرائيل فالعدالة تسقط عن أقدام الغزاة كما تسقط العدالة أمام أقدام الأميركي في العراق وأفغانستان بقتلهم المدنيين الأبرياء.
هل يبادر الزعماء العرب الى عقد مؤتمر بيروت مع القيادات السياسية اللبنانية كما جرى في الطائف لإنهاء الحرب الأهلية ،وكما في الدوحة لإنهاء فتنة أيار 2008 ، إستباقا للفتنة؟
فليتحد كل اللبنانيين لكشف حقيقة اغتيال الشهيد الحريري للقصاص من القاتل عبر طريق واضح فلا يمكن الإطمئنان للذئب الأميركي والدولي ولا يمكن للجلاد ان يكون قاضيا ...
هل سيستيقظ بعض اللبنانيين لإنقاذ لبنان من الفتنة العمياء أم يواصلون السير ليسقط لبنان ويسقط الجميع وتتحول ألقاب الفخامة والدولة والمعالي اوصافا بلا مؤسسات ويتحول لبنان الى صومال جديد على ضفاف المتوسط.